تونس والخيارات الاقتصادية الصائبة
تونس والخيارات الاقتصادية الصائبة
أخبار تونس – كان التقرير السنوي للبنك المركزي لسنة 2008 الذي عرض على رئيس الدولة من طرف محافظ البنك المركزي التونسي يوم الجمعة الماضي مناسبة متجددة للوقوف على وضع الاقتصاد التونسي و الإمكانيات الكفيلة لديه للحد من تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية العالميتين اللتين ضربتا الاقتصاد الدولي و ألحقتا به أضرارا كبيرة مما جعلها في نهاية السنة أزمة دولية لم يشهد لها مثيلا منذ ثلاثينات القرن الماضي.
ولقد لعبت الحكمة التونسية دورا مميزا في الحد من تأثيرات هذه الأزمة بفضل تنوع البنية الاقتصادية للبلاد و التجربة التي اكتسبتها عبر ا لمتابعة اليقظة والمستمرة للأسواق المالية العالمية اللذين مكناها من أن تكون من أوائل الدول التي وعت خطورة الأوضاع الاقتصادية العالمية وتبعاتها المالية منذ بروز أول خطوطها.
كما كان بعث لجنة اليقظة صلب البنك المركزي التونسي نهاية 2007 المكلفة بمتابعة تطور الأوضاع في الأسواق المالية العالمية وإمكانية تأثيرها على الاقتصاد الوطني مدخلا رئيسيا للتعرف على حقيقة الوضع الدولي وتطوره في الإبان ومن ثمة تقديم المقترحات أو الحلول.
وقد تم تدعيم هذه اللجنة ببادرة رئاسية ببعث لحنة متابعة وطنية جمعت كل الأطراف المعنية بالموضوع للوقوف في وجه كل ما قد يتهدد البلاد اقتصاديا.
وقد كان للإجراءات التي اتخذت منذ مطلع سنة 2008 أثرها الايجابي ومنها تأمين الاحتياطي من العملة الصعبة عبر أدوات مأمونة للاستثمار مع تمكين القطاع البنكي والمالي برمته من الوسائل التي ترد عنه غوائل الأزمة المالية الدولية ومن ثمة ضمان السير الطبيعي للسوق المالية مع العمل على الحد من تعبئة الموارد من السوق المالية الدولية والاستعاضة عن ذلك بالسوق المحلية وهو ما كان له في الآخر أطيب الأثر على مجمل الاقتصاد الوطني و من ثمة التقليص بشكل كبير من تداعيات الأزمة وأثارها .
ومكن هذا الجهد الرصين من تحقيق تواصل في مسار النمو في البلاد الذي بلغ 4.6 بالمائة وقد تحقق هذا بفضل حيوية قطاع الخدمات كالاتصالات والنقل والسياحة في حين شهد القطاع الصناعي حالة من البطء خاصة في الصناعات الكهربائية والميكانيكية والنسيج والطاقة والمناجم إلا أن هذا لم يمنع التحكم في التوازن الاقتصادي.
وإن بلوغ مثل هذه النسبة في نمو الناتج المحلي رغم الحالة العالمية المضطربة لدليل آخر على سلامة الخيارات التونسية من جهة وقدرة الاقتصاد التونسي على التوافق مع المستجدات الدولة بأقل الأضرار.
لقد حظي الاقتصاد التونسي خلال سنة 2008 بحيز مهم من الاستثمارات المباشرة حيث زاد حجمها بنحو 64 بالمائة ليبلغ 3.400 مليون دينار كما تميزت السنة بتواصل السيطرة على التوازنات الداخلية والخارجية رغم الضغوطات الناتجة عن الأزمة الدولية .
إن الأزمة الاقتصادية العالمية عززت موقع تونس وخياراتها المالية والاقتصادية الصائبة التي مكنت من الحفاظ على النظام البنكي الذي بقي في مأمن من تبعات الأزمة وآثارها وتفاعلاتها .
إن حسن أداء الاقتصاد التونسي له ما يثمنه اليوم عبر ما يصدر تباعا من وكالات التصنيف والمنظمات والهيئات الدولية المعترف بها مثل البنك الدولي الذي أشاد بدوره في تقرير له صدر مؤخرا بالإصلاحات الهامة التي أدخلت على مناخ الأعمال والاستثمار مما مكن البلاد من
التقدم في ترتيبها إلى المركز 69 هذا دون أن نغفل التصنيف الجيد الأخر لمنتدى دافوس وهو ما يعد شهادة لنجاح التجربة التونسية في معالجة الأزمات المالية.
إرسال تعليق