التلوث يؤدي بحياة 1.5 مليون شخص سنوياً
مشهد يثير الخوف حول مستقبل البشرية
التلوث يؤدي بحياة 1.5 مليون شخص سنوياً
يمينة حمدي
يزداد التدمير البشري للبيئة يوما بعد آخر وتزداد معه المخاوف من انقراض الحياة على كوكب الأرض جراء النسق المتسارع لذوبان القطب الشمالي ونتيجة الغازات الملوثة والخانقة التي تودي سنويا بحياة ملايين البشر وتهلك آلاف السلالات من التنوع البيولوجي.
اذ تؤكد آخر الدراسات التي أجراها العلماء حول الاحترار في القطب الشمالي حاليا من أن هذا القطب قد يصبح في وقت قريب شيئاً من الماضي.
ووجد علماء أميركيون استخدموا بيانات الأقمار الصناعية وسجلات بعثات غواصة من أيام الحرب الباردة أن سمك الجليد في المحيط المتجمد الشمالي انخفض بنسبة 53 % منذ عام 1980.
وقدم الفريق الدولي برئاسة البروفسور إيريك بوست من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية مجموعة من الدراسات حول رد الفعل البيولوجي لاحترار القطب الشمالي خلال السنة القطبية الدولية الرابعة التي انتهت في العام 2008، ووثقوا مجموعة كبيرة من تفاعل النبات والطيور والحيوانات والحشرات والبشر في تلك المنطقة .
وقال بوست ان فريقه اكتشف ان ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي خلال السنوات الـ150 الماضية ترك تأثيراً كبيراً، وعلى سبيل المثال، تفقد الدببة القطبية والفقمات، التي تلد صغارها في الكهوف أو الملاجئ الكامنة تحت الثلوج جراءها،عند انهيار المخابئ بسبب الأمطار المبكرة في فصل الربيع.
وأكد العلماء ان هذه الأجناس قد تتجه نحو الانقراض. وأضاف بوست " نلاحظ إشارات تغير سريعة أينما نظرنا سواء في الجو أو في المياه".
وأشار إلى ان نتائج هذه الدراسة تظهر ان تأثير ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي كبير جداً، خصوصاً وان الاحترار لا يتخطى درجة مئوية واحدة خلال الـ150 سنة الماضية.
واعتبر بوست انه من الصعب التنبؤ بما سيحصل عندما ترتفع الحرارة 6 درجات، وهو أمر متوقع خلال السنوات الـ100 المقبلة.
وحذر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون من تسارع وتيرة الاحترار المناخي منبها الى ان العالم "يتجه الى الهاوية".
وقال بان كي مون امام المؤتمر الثالث للامم المتحدة حول المناخ ان "اقدامنا تضغط على التسارع الاحتراري الذي يتجه بنا الى الهاوية". مؤكدا أن "ما يحدث الان" كان ينبغي ألا يحدث الا بعد وقت اطول بكثير.
وفي سياق متصل وصف تقرير للأمم المتحدة يحمل عنوان "المسح الاقتصادي والاجتماعي العالمي لسنة 2009" المبالغ المالية المخصصة لمواجهة التغير المناخي في العالم بأنها "غير كافية بصورة مفزعة".
ودعا الدول الغنية إلى تقديم ما بين 500 مليار و600 مليار دولار سنويا إلى الدول الفقيرة لمواجهة تداعيات التغير المناخي والتخفيف من حدتها.
وقال رائد فضاء كندي على متن المحطة الفضائية الدولية إنه يرى من موقعه "بعض آثار التدمير البشري للأرض" مشيراً إلى أن القمم الجليدية على سطح الأرض يبدو أنها ذابت قليلاً منذ المرة السابقة لوجوده في الفضاء قبل 12 عاماً.
وأضاف بوب ثيرسك في مؤتمر صحفي من الفضاء إنه غالباً ما يشعر بالرهبة عندما ينظر من النافذة خصوصاً إلى طبقة الغلاف الجوي التي تحيط بكوكب الأرض، والتي هي "ستار رقيق للغاية" "يجعلنا نستمر على قيد الحياة".
وقال ثيرسك بأنه يرى من نافذته "بعض آثار التدمير البشري للأرض" وتابع "ربما يكون ذلك مجرد تصور لكن لدي شعور بأن الأنهار الجليدية تذوب وأن الجليد الذي يغطي الجبال أقل مما كان قبل 12 عاماً عندما شاهدته المرة السابقة، هذا يشعرني بالحزن قليلاً".
ويعود هذا الدمار الذي يشهده كوكب الأرض بدرجة أولى الى الغازات الملوثة للبيئة، والمسؤول عنها بصفة مباشرة وفعلية الانسان.
وتعتبر الصين والولايات المتحدة اكبر دولتين مسببتين للتلوث في العالم وهما في رأس قائمة الدول الملامة على ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث أطلقتا جهدا بحثيا مشتركا لانتاج سيارات واقامة مبان اكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وقال وزير الطاقة الامريكي ستيفن تشو في افادة صحفية مع مسؤولين صينيين اعرف اننا نستطيع أن نحقق بالعمل معا اكثر مما نحققه اذا عملنا بشكل منفرد.
وقال تشو ان الولايات المتحدة والصين ستلتزمان مبدئيا بتقديم 15 مليون دولار للمشروع الذي سيركز ايضا على تكنولوجيا جديدة لتقليل وحبس انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الناتجة عن حرق الفحم.
وقال ان البلدين كليهما يعتمدان بكثافة على الفحم اكثر وقود احفوري مشبع بالكربون وستستمران غالبا في ذلك لبعض الوقت.
وركز تشو ووزير التجارة الامريكي جاي لوكي -وكلاهما امريكي من اصل صيني- على تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة مع الصين في اول رحلة لهما الى العملاق الآسيوي منذ الانضمام الى حكومة الرئيس الامريكي باراك أوباما.
وفاقت الصين منذ وقت قريب الولايات المتحدة كأكبر دولة مسببة للتلوث بالغازات الضارة في العالم والاثنتان معا تنتجان نحو 40 في المئة من ثاني اكسيد الكربون الذي يضخ في الهواء كل عام.
أُكسيد يُلحق الضرر بالأوزون
يؤكد العلماء ان أُكسيد النتروز المعروف باسم "غاز الضحك" أصبح المادة الرئيسية من صنع الانسان التي تلحق الضرر بطبقة الأوزون التي تحمي كوكب الأرض ومن المُرجح أن يظل كذلك طوال هذا القرن.
وقالت الدراسة التي أجرتها الادارة الوطنية الامريكية للمحيطات والغلاف الجوي ان تشديد القيود على انبعاثات أُكسيد النتروز وهو أيضا أحد الغازات التي تسهم بقدر وافر في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري سيكون له فائدة مزدوجة لكل من الاوزون والمناخ.
وكتب العلماء في مجلة ساينس أن انبعاثات أُكسيد النتروز تمثل حاليا أهم مادة مُستنزفة للأُوزون ومن المتوقع أن تظل كذلك طوال القرن الحادي والعشرين.
وحل أُكسيد النتروز محل مركبات الكلوروفلوروكربون التي كانت تستخدم في السابق في أجهزة التبريد ويجري الاستغناء عنها على مراحل بموجب بروتوكول مونتريال التابع للأمم المتحدة في عام 1987 بعد اكتشاف تأثيرها حيث تؤدي الى تآكل طبقة الاوزون التي تحمي الارض في الغلاف الجوي.
وينجم نحو 10 ملايين طن من أُكسيد النتروز سنويا -أي حوالي ثلث الانبعاثات العالمية- عن الانشطة البشرية بما في ذلك المخصبات والوقود الأحفوري ومخلفات الدواجن والصناعة.
ويأتي ثلثا أُكسيد النتروز من الطبيعة عندما تطلق بكتيريا الأرض الغاز. ويؤدي أُكسيد النتروز الى تآكل طبقة الاوزون التي تحمي الارض من الاشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تسبب سرطان الجلد وتضر بنمو المحاصيل.
ازداد حجم التلوث الإشعاعي
عرف نصف القرن الماضي ازديادا ملحوظا في حجم التلوث الإشعاعي، فبعد أن كانت مصادر الإشعاع تقتصرعلى المصادر الطبيعية المنبعثة من الصخور والبوتاسيوم تدخلت يد البشر لتضيف كما من الإشعاعات التي لوثت الهواء والماء والغذاء .
ولقد اتضحت خطورة الإشعاعات الذرية بعد عام 1940 حينما اكتشف الباحثون والأطباء العلاقة بين تعرض النساء الحوامل للاشعه السينية "x -ray " وحدوث تشوهات للأجنحه.
ويعتبر الانشطار النووي وإنشاء أول مفاعل نووي في عام 1942 هما البداية الحقيقية لتلوث البيئة بالإشعاعات النووية، ولقد ازداد حجم هذا التلوث على اثر إنتاج الأسلحة الذرية، وذلك في نهاية الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من حروب وانفجارات نووية.
ولا تعد الانفجارات النووية المصدر الوحيد للتلوث الإشعاعي، فهناك مصادر أخرى أدت إلى زيادة حجم هذا التلوث، وتشتمل هذه المصادر على المفاعلات النووية وما ينجم عنها من تلوث إشعاعي بسبب استخدامها على نطاق واسع، وبسبب انفجارها في بعض الأحيان، مثلما حدث من تلوث على اثر انفجار مفاعل تشرنوبيل النووي.
كما تشمل مصادر التلوث على استخدام الذرة كمصدر للطاقة واستخدام النظائر المشعة في التجارب العلمية في مجال العلوم الطبية والعلوم البيولوجية، وتشخيص الأمراض وعلاجها إشعاعيا، بالإضافة إلى الإشعاعات الصادرة من أجهزة التليفزيون والكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وبعض الأجهزة الطبية وأجهزة القوى الكهربائية لأعمال وأبحاث الفضاء والطائرات.
وتنتقل المواد المشعة إلى جسم الإنسان عن طريق تلوث الغذاء والماء بالنظائر المشعة إلى جسم الإنسان أو الغبار الذري المتساقط على النباتات والحيوانات والماء، أو عن طريق استنشاق المواد المشعة أو الغبار الذري الملوث للهواء.
وتكمن خطورة الإشعاعات في أنها تسبب إصابات وأمراضا كثيرة وجسمية للإنسان والحيوان، وبخاصة الأمراض السرطانية وأمراض الدم والجلد والنخاع العظمي والجهاز الهضمي والجهاز العصبي والجهاز التنفسي. بالإضافة إلى الأمراض الوراثية والتشوهات الجنينية.
وحينما تفاقمت مشكلة التلوث الإشعاعي، تزايد اهتمام العلماء من مختلف دول العالم بالدراسات والأبحاث التي تختص بصفات المواد المشعة وكيفية انتقالها إلى جسم الإنسان، بالإضافة إلى دراسة أثرها الضار على الكائنات الحية ووسائل الوقاية من هذا الضرر.
وقد وجد بعض العلماء أنه على سبيل المثال اذا ارتفعت نسبة احادي اوكسيد الكربون في الجو الى 80 جزءا من مليون جزء فان قدرة الدورة الدموية للانسان على نقل الاوكسجين تنخفض بنسبة 15% وهذا يعني بشكل آخر خسارة جسم الانسان لما يعادل حوالي نصف لتر من الدم.
ويمكن تقدير قيمة مثل هذه الاخطار التلوثية اذا ما علمنا بانه في بعض المدن وحيث يشتد ازدحام المواصلات بان نسبة احادي اوكسيد الكربون تصل الى 400 جزء من مليون جزء.
ويمكننا من مقارنة هذا الرقم مع سابقه معرفة مدى الخطر الكامن في الهواء الملوث وآثاره الخطيرة على الصحة العامة.. ويعد الاطفال والمسنون اكثر الناس عرضة للامراض المتعلقة بتلوث الهواء وقد لوحظ ان بعض الامراض كمرض ذات الرئة "Pneumonia" وانتفاخ الرئة "Emphysema" تتزايد بشكل كبير في مناطق التلوث الهوائي.
كما تؤكد بعض الدراسات الأخرى على ان امراض التهاب الاغشية المخاطية والقصبات الهوائية تزداد في المناطق الصناعية عما هي عليه في المناطق غير الصناعية. كما وجد ايضا ان نسبة الموت من سرطان الرئة لها علاقة قوية مع تزايد نسبة الضباب الدخاني في الجو، واوضحت احدى الدراسات على سبيل المثال ان عدد الذين يصابون بسرطان الرئة في مدينة نيويورك تصل الى 55 شخصا لكل مائة الف شخص، الا ان هذا العدد ينخفض الى 20 شخصا لكل مائة الف شخص في المناطق البعيدة عن نيويورك واقل من هذا العدد بكثير في المناطق الريفية.
تلوث الهواء يقتل 1.5 مليون شخص
أكدت الإحصائيات أن تلوث الهواء يقتل ما يصل إلى 1.5 مليون شخص حول العالم سنوياً، حيث نتج هذا التلوث عن حرق أنواع الوقود الصلب الرخيصة لأغراض الطهي أو التدفئة.
ويعتمد ثلاثة مليارات إنسان حول العالم على أنواع الوقود الرخيصة الثمن، مثل الخشب أو الفحم أو مخلفات المحاصيل أو روث الحيوانات، لطهي الطعام أو التدفئة.
وتنتشر مشكلة التلوث في الكثير من بلدان آسيا، وخاصة في المناطق القروية والريفية، وتنتج بشكل أساسي لعدم تزويد المطابخ بمداخن تساعد في تخليص جو المنزل من الهواء الملوث.
ورغم عدم توجيه اهتمام كاف لهذه المشكلة، إلا أن مجلة "لانسيت" الطبية سلطت الضوء عليها في سلسلة من المقالات تناولت الطاقة والصحة.
وشددت إحدى المقالات على أن تحسين المواقد وإضافة مداخن لها يمكن أن يخفض نسبة التعرض للدخان بنسبة من 30 - 50 في المائة.
الماء: القلق يتزايد
لفت برنامج الامم المتحدة للبيئة في تقريره لسنة 1992 وعند نهاية تحليله لوضعية المصادر المائية في العالم، الانتباه الي ان قضية الماء ستمثل، كما كان الشأن بالنسبة لقضية الطاقة في سبعينات القرن الماضي، محور انشغال السكان في العالم خلال العقود الاوليىمن القرن الحادي والعشرين وهذا ما يؤكده بالفعل التقرير جييو الرابع حيث يقول: مازال 2.6 مليار فرد من سكان العالم لايتوفرون في سنة 2007 على تجهيزات التنظيف والصرف الصحي المناسبة، وان 1.8 مليار من الافراد سيواجهون في غضون 2025 شحا في المياه رغم ان نسبة الذين يتمكنون من التزود بالماء قد ارتفعت بين سنتي 1990 و2000 من 78 الى 82% من سكان الارض، كما ان نسبة المستفيدين من التطهير والصرف الصحي قد انتقلت من 51 الى 61% .. وان وتيرة استهلاك الماء ستزداد، مؤدية من يومنا هذا والي غاية 2025 الى سحب حوالي 50% من مخزون المياه في الدول النامية، و18% في العالم المتقدم.
تعاني بعض المناطق بحدة من انعدام المياه، كما هو الحال خاصة بالنسبة لحوض البحر الابيض المتوسط وجنوب افريقيا وجنوب شرق آسيا التي تطول فيها فترات الجفاف. ويتسبب استعمال الماء الملوث في العالم النامي في وفاة ثلاثة ملايين فرد سنويا.
وحسب تقرير لجامعة الأمم المتحدة نشر في شهر يونيو 2007 .
تمثل ظاهرة التصحر المتفاقمة بسبب التغيرات المناخية، اكبر تحد بيئي لعصرنا.. وينذر التقرير الحكومات بأنها ستواجه حركات هجرة واسعة النطاق اذا لم تضع سياسات لمكافحة التصحر. ثم يؤكد نفس التقرير أن فقدان الارض لانتاجيتها وتدهور البيئة يمثلان تهديدا داهما بالنسبة للأمن العالمي.. فالتصحر يهدد ثلث سكان الارض، اي ما يعادل ملياري نسمة، مما قد يدفع بحوالي 50 مليون شخص الي الهجرة، خلال العشر سنوات المقبلة.
ويختتم التقرير جييو-4 بالاشارة الى ان الانظمة البيئية تعاني مثل ما تعاني الشعوب، كثيرا من العنت في اماكن عدة بسبب ما لوحظ من تغيرات في الدورة الشاملة للماء، وذلك بالاساس نتيجة الضغط الذي تحدثه حركية البشر، ويذكر التقرير باهم العناصر التي يجب صيانتها لضمان تجدد الموارد المائية والتي هي: الدور الاساسي للمحيطات توفر الماء العذب واستعماله مع الحفاظ علي المصادر المائية - تطبيق ممارسات لاعداد الاراضي تحترم ديناميكية الاحواض المنحدرة.
فما زال تدهور جودة المياه يهدد عافية الناس والانظمة البيئية، ومازالت الانظمة البيئية المائية تتعرض للتدمير مهددة بذلك قدرتها على تقديم الخدمات الضرورية للانتاج الغذائي او للحفاظ على التنوع البيولوجي. وفي النهاية هناك التحدي الدائم الذي يجب مواجهته عند اصلاح الموارد المائية والانظمة البيئية المائية والمتمثل في ضمان التوازن بين احتياجات البيئة ومتطلبات التنمية.
تعتبر المحيطات اكبر منظم للمناخ العام وخزانا مهما للغاز الحابس للحرارة. حيث يقول التقرير ان دورة الماء على المستوى القاري او الجهوي او المحيطي قد تأثرت جدا بالتغيرات المناخية التي تحدث على مدي زمني طويل، مما يجعلها تعرض امن الناس للخطر، فهذه التغيرات أثرت في درجة الحرارة بمنطقة القطب الشمالي وبالجليدات الساحلية وبالاراضي الجليدية القارية، وحتي المحلية، كما تؤثر في نسبة ملوحة وحموضة ومستوى مياه المحيطات، وفي نظم التساقطات المطرية وفي الظواهر المناخية الكبرى، وربما في الحركة العامة للمحيطات.
ويضاف الى ظواهر ندرة المياه الحادة في بعض مناطق العالم المذكورة سابقا، ظواهر الاحداث المناخية العنيفة مثل الاعصارات الاستوائية الهوجاء او الزوابع او العواصف التي تركز كميات كبيرة من التساقطات في حوض واحد، او على منحدر جبلي او على مساحة ضعيفة الامتداد والتي تفتقر لغطاء غابي واقي. ولقد اضحت فجائية هذه الاحداث هي القاعدة بحيث لم يعد من الممكن وضع توقعات موثوقة لاحوال الطقس.
الانقراض النوعي
حسب تقرير "جييو" GEOالأخير تمثل التغيرات التي طرأت على التنوع البيولوجي الحالي الاكثر سرعة في تاريخ البشرية، بسبب التأثير المتنامي لفعل الانسان في المناطق التي تنبض بالحياة، وخاصة الغابات الاستوائية الرطبة- حيث ان المساحات الغابية الاخرى قد تم تحويلها الي حقول للزراعة- وفي السهول الساحلية والانظمة البيئية الشاطئية.
ان هذه الظواهر تؤدي الى ارتفاع وتيرة انقراض الانواع، حيث اضحت الانواع تنقرض بسرعة اكبر 100 مرة من السرعة التي تشير اليها الاحفوريات. ومن الممكن ان تتسارع وتيرة الانقراض لتصل الى 1000 او 10000 مرة ما عرفناه في الماضي.
أكثر من 16000 نوع مما تم تحديده يعتبر مهددا، ومن بين مختلف مجموعات الفقريات التي تم تقدير اعدادها بشكل شامل تعتبر 30% من البرمائيات و23% من الثدييات و12% من الطيور مهددة بالانقراض.
ويضيف التقرير بأن 60% من الخدمات البيولوجية التي تقدمها الانظمة البيئية للبشرية متدهورة او مستعملة بطريقة غير قابلة للاستمرار. وهذه النتيجة تعزز ما توصل اليه التقرير حول تقييم الانظمة البيئية للذكرى الالفية، اما فقريات المياه العذبة فلقد تقلصت اعدادها بسرعة اكبر من الانواع البرية او البحرية حيث انخفضت اعدادها بـ50 % بين 1987 و2003 .
وتعتبر الزيادة في عدد المناطق المحمية خطوة جيدة الي الامام، غير انه من الضروري ان تقام وتدار هذه المحميات بشكل اكثر فعالية، كما يجب ان يبذل نفس الجهد لحفظ التنوع البيولوجي "ولكل الاحياء وليس فقط للحيوانات الكبرى المستهوية للجماهير مثل النمر والفيلة خارج المحميات".
يزداد التدمير البشري للبيئة يوما بعد آخر وتزداد معه المخاوف من انقراض الحياة على كوكب الأرض جراء النسق المتسارع لذوبان القطب الشمالي ونتيجة الغازات الملوثة والخانقة التي تودي سنويا بحياة ملايين البشر وتهلك آلاف السلالات من التنوع البيولوجي.
اذ تؤكد آخر الدراسات التي أجراها العلماء حول الاحترار في القطب الشمالي حاليا من أن هذا القطب قد يصبح في وقت قريب شيئاً من الماضي.
ووجد علماء أميركيون استخدموا بيانات الأقمار الصناعية وسجلات بعثات غواصة من أيام الحرب الباردة أن سمك الجليد في المحيط المتجمد الشمالي انخفض بنسبة 53 % منذ عام 1980.
وقدم الفريق الدولي برئاسة البروفسور إيريك بوست من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية مجموعة من الدراسات حول رد الفعل البيولوجي لاحترار القطب الشمالي خلال السنة القطبية الدولية الرابعة التي انتهت في العام 2008، ووثقوا مجموعة كبيرة من تفاعل النبات والطيور والحيوانات والحشرات والبشر في تلك المنطقة .
وقال بوست ان فريقه اكتشف ان ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي خلال السنوات الـ150 الماضية ترك تأثيراً كبيراً، وعلى سبيل المثال، تفقد الدببة القطبية والفقمات، التي تلد صغارها في الكهوف أو الملاجئ الكامنة تحت الثلوج جراءها،عند انهيار المخابئ بسبب الأمطار المبكرة في فصل الربيع.
وأكد العلماء ان هذه الأجناس قد تتجه نحو الانقراض. وأضاف بوست " نلاحظ إشارات تغير سريعة أينما نظرنا سواء في الجو أو في المياه".
وأشار إلى ان نتائج هذه الدراسة تظهر ان تأثير ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي كبير جداً، خصوصاً وان الاحترار لا يتخطى درجة مئوية واحدة خلال الـ150 سنة الماضية.
واعتبر بوست انه من الصعب التنبؤ بما سيحصل عندما ترتفع الحرارة 6 درجات، وهو أمر متوقع خلال السنوات الـ100 المقبلة.
وحذر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون من تسارع وتيرة الاحترار المناخي منبها الى ان العالم "يتجه الى الهاوية".
وقال بان كي مون امام المؤتمر الثالث للامم المتحدة حول المناخ ان "اقدامنا تضغط على التسارع الاحتراري الذي يتجه بنا الى الهاوية". مؤكدا أن "ما يحدث الان" كان ينبغي ألا يحدث الا بعد وقت اطول بكثير.
وفي سياق متصل وصف تقرير للأمم المتحدة يحمل عنوان "المسح الاقتصادي والاجتماعي العالمي لسنة 2009" المبالغ المالية المخصصة لمواجهة التغير المناخي في العالم بأنها "غير كافية بصورة مفزعة".
ودعا الدول الغنية إلى تقديم ما بين 500 مليار و600 مليار دولار سنويا إلى الدول الفقيرة لمواجهة تداعيات التغير المناخي والتخفيف من حدتها.
وقال رائد فضاء كندي على متن المحطة الفضائية الدولية إنه يرى من موقعه "بعض آثار التدمير البشري للأرض" مشيراً إلى أن القمم الجليدية على سطح الأرض يبدو أنها ذابت قليلاً منذ المرة السابقة لوجوده في الفضاء قبل 12 عاماً.
وأضاف بوب ثيرسك في مؤتمر صحفي من الفضاء إنه غالباً ما يشعر بالرهبة عندما ينظر من النافذة خصوصاً إلى طبقة الغلاف الجوي التي تحيط بكوكب الأرض، والتي هي "ستار رقيق للغاية" "يجعلنا نستمر على قيد الحياة".
وقال ثيرسك بأنه يرى من نافذته "بعض آثار التدمير البشري للأرض" وتابع "ربما يكون ذلك مجرد تصور لكن لدي شعور بأن الأنهار الجليدية تذوب وأن الجليد الذي يغطي الجبال أقل مما كان قبل 12 عاماً عندما شاهدته المرة السابقة، هذا يشعرني بالحزن قليلاً".
ويعود هذا الدمار الذي يشهده كوكب الأرض بدرجة أولى الى الغازات الملوثة للبيئة، والمسؤول عنها بصفة مباشرة وفعلية الانسان.
وتعتبر الصين والولايات المتحدة اكبر دولتين مسببتين للتلوث في العالم وهما في رأس قائمة الدول الملامة على ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث أطلقتا جهدا بحثيا مشتركا لانتاج سيارات واقامة مبان اكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وقال وزير الطاقة الامريكي ستيفن تشو في افادة صحفية مع مسؤولين صينيين اعرف اننا نستطيع أن نحقق بالعمل معا اكثر مما نحققه اذا عملنا بشكل منفرد.
وقال تشو ان الولايات المتحدة والصين ستلتزمان مبدئيا بتقديم 15 مليون دولار للمشروع الذي سيركز ايضا على تكنولوجيا جديدة لتقليل وحبس انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الناتجة عن حرق الفحم.
وقال ان البلدين كليهما يعتمدان بكثافة على الفحم اكثر وقود احفوري مشبع بالكربون وستستمران غالبا في ذلك لبعض الوقت.
وركز تشو ووزير التجارة الامريكي جاي لوكي -وكلاهما امريكي من اصل صيني- على تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة مع الصين في اول رحلة لهما الى العملاق الآسيوي منذ الانضمام الى حكومة الرئيس الامريكي باراك أوباما.
وفاقت الصين منذ وقت قريب الولايات المتحدة كأكبر دولة مسببة للتلوث بالغازات الضارة في العالم والاثنتان معا تنتجان نحو 40 في المئة من ثاني اكسيد الكربون الذي يضخ في الهواء كل عام.
أُكسيد يُلحق الضرر بالأوزون
يؤكد العلماء ان أُكسيد النتروز المعروف باسم "غاز الضحك" أصبح المادة الرئيسية من صنع الانسان التي تلحق الضرر بطبقة الأوزون التي تحمي كوكب الأرض ومن المُرجح أن يظل كذلك طوال هذا القرن.
وقالت الدراسة التي أجرتها الادارة الوطنية الامريكية للمحيطات والغلاف الجوي ان تشديد القيود على انبعاثات أُكسيد النتروز وهو أيضا أحد الغازات التي تسهم بقدر وافر في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري سيكون له فائدة مزدوجة لكل من الاوزون والمناخ.
وكتب العلماء في مجلة ساينس أن انبعاثات أُكسيد النتروز تمثل حاليا أهم مادة مُستنزفة للأُوزون ومن المتوقع أن تظل كذلك طوال القرن الحادي والعشرين.
وحل أُكسيد النتروز محل مركبات الكلوروفلوروكربون التي كانت تستخدم في السابق في أجهزة التبريد ويجري الاستغناء عنها على مراحل بموجب بروتوكول مونتريال التابع للأمم المتحدة في عام 1987 بعد اكتشاف تأثيرها حيث تؤدي الى تآكل طبقة الاوزون التي تحمي الارض في الغلاف الجوي.
وينجم نحو 10 ملايين طن من أُكسيد النتروز سنويا -أي حوالي ثلث الانبعاثات العالمية- عن الانشطة البشرية بما في ذلك المخصبات والوقود الأحفوري ومخلفات الدواجن والصناعة.
ويأتي ثلثا أُكسيد النتروز من الطبيعة عندما تطلق بكتيريا الأرض الغاز. ويؤدي أُكسيد النتروز الى تآكل طبقة الاوزون التي تحمي الارض من الاشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تسبب سرطان الجلد وتضر بنمو المحاصيل.
ازداد حجم التلوث الإشعاعي
عرف نصف القرن الماضي ازديادا ملحوظا في حجم التلوث الإشعاعي، فبعد أن كانت مصادر الإشعاع تقتصرعلى المصادر الطبيعية المنبعثة من الصخور والبوتاسيوم تدخلت يد البشر لتضيف كما من الإشعاعات التي لوثت الهواء والماء والغذاء .
ولقد اتضحت خطورة الإشعاعات الذرية بعد عام 1940 حينما اكتشف الباحثون والأطباء العلاقة بين تعرض النساء الحوامل للاشعه السينية "x -ray " وحدوث تشوهات للأجنحه.
ويعتبر الانشطار النووي وإنشاء أول مفاعل نووي في عام 1942 هما البداية الحقيقية لتلوث البيئة بالإشعاعات النووية، ولقد ازداد حجم هذا التلوث على اثر إنتاج الأسلحة الذرية، وذلك في نهاية الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من حروب وانفجارات نووية.
ولا تعد الانفجارات النووية المصدر الوحيد للتلوث الإشعاعي، فهناك مصادر أخرى أدت إلى زيادة حجم هذا التلوث، وتشتمل هذه المصادر على المفاعلات النووية وما ينجم عنها من تلوث إشعاعي بسبب استخدامها على نطاق واسع، وبسبب انفجارها في بعض الأحيان، مثلما حدث من تلوث على اثر انفجار مفاعل تشرنوبيل النووي.
كما تشمل مصادر التلوث على استخدام الذرة كمصدر للطاقة واستخدام النظائر المشعة في التجارب العلمية في مجال العلوم الطبية والعلوم البيولوجية، وتشخيص الأمراض وعلاجها إشعاعيا، بالإضافة إلى الإشعاعات الصادرة من أجهزة التليفزيون والكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى، وبعض الأجهزة الطبية وأجهزة القوى الكهربائية لأعمال وأبحاث الفضاء والطائرات.
وتنتقل المواد المشعة إلى جسم الإنسان عن طريق تلوث الغذاء والماء بالنظائر المشعة إلى جسم الإنسان أو الغبار الذري المتساقط على النباتات والحيوانات والماء، أو عن طريق استنشاق المواد المشعة أو الغبار الذري الملوث للهواء.
وتكمن خطورة الإشعاعات في أنها تسبب إصابات وأمراضا كثيرة وجسمية للإنسان والحيوان، وبخاصة الأمراض السرطانية وأمراض الدم والجلد والنخاع العظمي والجهاز الهضمي والجهاز العصبي والجهاز التنفسي. بالإضافة إلى الأمراض الوراثية والتشوهات الجنينية.
وحينما تفاقمت مشكلة التلوث الإشعاعي، تزايد اهتمام العلماء من مختلف دول العالم بالدراسات والأبحاث التي تختص بصفات المواد المشعة وكيفية انتقالها إلى جسم الإنسان، بالإضافة إلى دراسة أثرها الضار على الكائنات الحية ووسائل الوقاية من هذا الضرر.
وقد وجد بعض العلماء أنه على سبيل المثال اذا ارتفعت نسبة احادي اوكسيد الكربون في الجو الى 80 جزءا من مليون جزء فان قدرة الدورة الدموية للانسان على نقل الاوكسجين تنخفض بنسبة 15% وهذا يعني بشكل آخر خسارة جسم الانسان لما يعادل حوالي نصف لتر من الدم.
ويمكن تقدير قيمة مثل هذه الاخطار التلوثية اذا ما علمنا بانه في بعض المدن وحيث يشتد ازدحام المواصلات بان نسبة احادي اوكسيد الكربون تصل الى 400 جزء من مليون جزء.
ويمكننا من مقارنة هذا الرقم مع سابقه معرفة مدى الخطر الكامن في الهواء الملوث وآثاره الخطيرة على الصحة العامة.. ويعد الاطفال والمسنون اكثر الناس عرضة للامراض المتعلقة بتلوث الهواء وقد لوحظ ان بعض الامراض كمرض ذات الرئة "Pneumonia" وانتفاخ الرئة "Emphysema" تتزايد بشكل كبير في مناطق التلوث الهوائي.
كما تؤكد بعض الدراسات الأخرى على ان امراض التهاب الاغشية المخاطية والقصبات الهوائية تزداد في المناطق الصناعية عما هي عليه في المناطق غير الصناعية. كما وجد ايضا ان نسبة الموت من سرطان الرئة لها علاقة قوية مع تزايد نسبة الضباب الدخاني في الجو، واوضحت احدى الدراسات على سبيل المثال ان عدد الذين يصابون بسرطان الرئة في مدينة نيويورك تصل الى 55 شخصا لكل مائة الف شخص، الا ان هذا العدد ينخفض الى 20 شخصا لكل مائة الف شخص في المناطق البعيدة عن نيويورك واقل من هذا العدد بكثير في المناطق الريفية.
تلوث الهواء يقتل 1.5 مليون شخص
أكدت الإحصائيات أن تلوث الهواء يقتل ما يصل إلى 1.5 مليون شخص حول العالم سنوياً، حيث نتج هذا التلوث عن حرق أنواع الوقود الصلب الرخيصة لأغراض الطهي أو التدفئة.
ويعتمد ثلاثة مليارات إنسان حول العالم على أنواع الوقود الرخيصة الثمن، مثل الخشب أو الفحم أو مخلفات المحاصيل أو روث الحيوانات، لطهي الطعام أو التدفئة.
وتنتشر مشكلة التلوث في الكثير من بلدان آسيا، وخاصة في المناطق القروية والريفية، وتنتج بشكل أساسي لعدم تزويد المطابخ بمداخن تساعد في تخليص جو المنزل من الهواء الملوث.
ورغم عدم توجيه اهتمام كاف لهذه المشكلة، إلا أن مجلة "لانسيت" الطبية سلطت الضوء عليها في سلسلة من المقالات تناولت الطاقة والصحة.
وشددت إحدى المقالات على أن تحسين المواقد وإضافة مداخن لها يمكن أن يخفض نسبة التعرض للدخان بنسبة من 30 - 50 في المائة.
الماء: القلق يتزايد
لفت برنامج الامم المتحدة للبيئة في تقريره لسنة 1992 وعند نهاية تحليله لوضعية المصادر المائية في العالم، الانتباه الي ان قضية الماء ستمثل، كما كان الشأن بالنسبة لقضية الطاقة في سبعينات القرن الماضي، محور انشغال السكان في العالم خلال العقود الاوليىمن القرن الحادي والعشرين وهذا ما يؤكده بالفعل التقرير جييو الرابع حيث يقول: مازال 2.6 مليار فرد من سكان العالم لايتوفرون في سنة 2007 على تجهيزات التنظيف والصرف الصحي المناسبة، وان 1.8 مليار من الافراد سيواجهون في غضون 2025 شحا في المياه رغم ان نسبة الذين يتمكنون من التزود بالماء قد ارتفعت بين سنتي 1990 و2000 من 78 الى 82% من سكان الارض، كما ان نسبة المستفيدين من التطهير والصرف الصحي قد انتقلت من 51 الى 61% .. وان وتيرة استهلاك الماء ستزداد، مؤدية من يومنا هذا والي غاية 2025 الى سحب حوالي 50% من مخزون المياه في الدول النامية، و18% في العالم المتقدم.
تعاني بعض المناطق بحدة من انعدام المياه، كما هو الحال خاصة بالنسبة لحوض البحر الابيض المتوسط وجنوب افريقيا وجنوب شرق آسيا التي تطول فيها فترات الجفاف. ويتسبب استعمال الماء الملوث في العالم النامي في وفاة ثلاثة ملايين فرد سنويا.
وحسب تقرير لجامعة الأمم المتحدة نشر في شهر يونيو 2007 .
تمثل ظاهرة التصحر المتفاقمة بسبب التغيرات المناخية، اكبر تحد بيئي لعصرنا.. وينذر التقرير الحكومات بأنها ستواجه حركات هجرة واسعة النطاق اذا لم تضع سياسات لمكافحة التصحر. ثم يؤكد نفس التقرير أن فقدان الارض لانتاجيتها وتدهور البيئة يمثلان تهديدا داهما بالنسبة للأمن العالمي.. فالتصحر يهدد ثلث سكان الارض، اي ما يعادل ملياري نسمة، مما قد يدفع بحوالي 50 مليون شخص الي الهجرة، خلال العشر سنوات المقبلة.
ويختتم التقرير جييو-4 بالاشارة الى ان الانظمة البيئية تعاني مثل ما تعاني الشعوب، كثيرا من العنت في اماكن عدة بسبب ما لوحظ من تغيرات في الدورة الشاملة للماء، وذلك بالاساس نتيجة الضغط الذي تحدثه حركية البشر، ويذكر التقرير باهم العناصر التي يجب صيانتها لضمان تجدد الموارد المائية والتي هي: الدور الاساسي للمحيطات توفر الماء العذب واستعماله مع الحفاظ علي المصادر المائية - تطبيق ممارسات لاعداد الاراضي تحترم ديناميكية الاحواض المنحدرة.
فما زال تدهور جودة المياه يهدد عافية الناس والانظمة البيئية، ومازالت الانظمة البيئية المائية تتعرض للتدمير مهددة بذلك قدرتها على تقديم الخدمات الضرورية للانتاج الغذائي او للحفاظ على التنوع البيولوجي. وفي النهاية هناك التحدي الدائم الذي يجب مواجهته عند اصلاح الموارد المائية والانظمة البيئية المائية والمتمثل في ضمان التوازن بين احتياجات البيئة ومتطلبات التنمية.
تعتبر المحيطات اكبر منظم للمناخ العام وخزانا مهما للغاز الحابس للحرارة. حيث يقول التقرير ان دورة الماء على المستوى القاري او الجهوي او المحيطي قد تأثرت جدا بالتغيرات المناخية التي تحدث على مدي زمني طويل، مما يجعلها تعرض امن الناس للخطر، فهذه التغيرات أثرت في درجة الحرارة بمنطقة القطب الشمالي وبالجليدات الساحلية وبالاراضي الجليدية القارية، وحتي المحلية، كما تؤثر في نسبة ملوحة وحموضة ومستوى مياه المحيطات، وفي نظم التساقطات المطرية وفي الظواهر المناخية الكبرى، وربما في الحركة العامة للمحيطات.
ويضاف الى ظواهر ندرة المياه الحادة في بعض مناطق العالم المذكورة سابقا، ظواهر الاحداث المناخية العنيفة مثل الاعصارات الاستوائية الهوجاء او الزوابع او العواصف التي تركز كميات كبيرة من التساقطات في حوض واحد، او على منحدر جبلي او على مساحة ضعيفة الامتداد والتي تفتقر لغطاء غابي واقي. ولقد اضحت فجائية هذه الاحداث هي القاعدة بحيث لم يعد من الممكن وضع توقعات موثوقة لاحوال الطقس.
الانقراض النوعي
حسب تقرير "جييو" GEOالأخير تمثل التغيرات التي طرأت على التنوع البيولوجي الحالي الاكثر سرعة في تاريخ البشرية، بسبب التأثير المتنامي لفعل الانسان في المناطق التي تنبض بالحياة، وخاصة الغابات الاستوائية الرطبة- حيث ان المساحات الغابية الاخرى قد تم تحويلها الي حقول للزراعة- وفي السهول الساحلية والانظمة البيئية الشاطئية.
ان هذه الظواهر تؤدي الى ارتفاع وتيرة انقراض الانواع، حيث اضحت الانواع تنقرض بسرعة اكبر 100 مرة من السرعة التي تشير اليها الاحفوريات. ومن الممكن ان تتسارع وتيرة الانقراض لتصل الى 1000 او 10000 مرة ما عرفناه في الماضي.
أكثر من 16000 نوع مما تم تحديده يعتبر مهددا، ومن بين مختلف مجموعات الفقريات التي تم تقدير اعدادها بشكل شامل تعتبر 30% من البرمائيات و23% من الثدييات و12% من الطيور مهددة بالانقراض.
ويضيف التقرير بأن 60% من الخدمات البيولوجية التي تقدمها الانظمة البيئية للبشرية متدهورة او مستعملة بطريقة غير قابلة للاستمرار. وهذه النتيجة تعزز ما توصل اليه التقرير حول تقييم الانظمة البيئية للذكرى الالفية، اما فقريات المياه العذبة فلقد تقلصت اعدادها بسرعة اكبر من الانواع البرية او البحرية حيث انخفضت اعدادها بـ50 % بين 1987 و2003 .
وتعتبر الزيادة في عدد المناطق المحمية خطوة جيدة الي الامام، غير انه من الضروري ان تقام وتدار هذه المحميات بشكل اكثر فعالية، كما يجب ان يبذل نفس الجهد لحفظ التنوع البيولوجي "ولكل الاحياء وليس فقط للحيوانات الكبرى المستهوية للجماهير مثل النمر والفيلة خارج المحميات".
إرسال تعليق